الْقَارِعَةُ
يقول تعالى : القارعة : الساعة التي يقرع قلوب الناس هولها ، وعظيم ما ينزل لهم من البلاء عندها ، وذلك صبيحة لا ليل بعدها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله القارعة من أسماء يوم القيامة ، عظمه الله وحذره عباده .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال :ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله القارعة * ما القارعة قال : هي الساعة .
حدثنا بشر ، قال :ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله القارعة * ما القارعة قال هي الساعة .
حدثنا أبو كريب ، قال ثنا وكيع ، قال : سمعت أن القارعة والواقعة والحاقة : القيامة .
مَا الْقَارِعَةُ
وقوله : ما القارعة يقول تعالى ذكره معظماً شأن القيامة والساعة التي يقرع العباد هولها ، أي شيء القارعة ، يعني بذلك : أي شيء الساعة التي يقرع الخلق هولها ، أي ما أعظمها وأفظعها وأهولها .
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ
وقوله : وما أدراك ما القارعة يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وما أشعرك يا حمد أي شيء القارعة .
يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ
وقوله : يوم يكون الناس كالفراش المبثوث يقول تعالى ذرك : القراعة يوم يكون الناس كالفراش ، وهو الذي يتساقط في النار والسراج ، ليس ببعوض ولا ذباب ، ويعني بالمبثوث : المفرق .
وكالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث هذا الفراش الذي رأيتم يتهافت في النار .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله يوم يكون الناس كالفراش المبثوث قال : هذا شبه شبهه الله . وكان بعض أهل العربية يقول : معنة ذلك : كغوغاء الجراد ، يركب بعضه بعضاً ، كذلك الناس يومئذ ، يجول بعضهم في بعض .
وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ
وقوله : وتكون الجبال كالعهن المنفوش يقول تعالى ذكره : ويوم تكون الجبال كالصوف المنفوش والعهن : هو الألون من الصوف .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد ، قل : ثنا سعيد ، عن قتادة في قوله وتكون الجبال كالعهن المنفوش قال : اصوف المنفوش .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : هو الصوف . وذكر أن الجبال تسير على الأرض وهي في صورة الجبال كالهباء .
فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ
وقوله : فأما من ثقلت موازينه يقول : فأما من ثقلت موازين حسناته ، يعني بالموازين : الوزن ، والعرب تقول : لك عندي درهم بميزان درهمك ، ووزن درهمك ، ويقولون : داري بميزان دارك ووزن دارك ، يراد : حذاء . قال الشاعر :
قد كنت قبل لقائكم ذا مرة عندي لكل مخاصم ميزانه
يعني بقوله : ( لكل مخاصم ميزانه ) : كلامه ، وما ينقض عليه حجته . وكان مجاهد يقول : ليس ميزان ، إنما هو مثل ضرب .
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ
حدثنا بذلك أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فهو في عيشة راضية يعني : في الجنة .
كما حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة فهو في عيشة راضية يعني في الجنة .
وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ..فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ
وقوله : وأما من خفت موازينه . وقوله : وأما من خفت موازينه * فأمه هاوية يقول : وأما من خف وزن حسناته ، فمأواه ومسكنه الهاوية ، التي يهوي فيها على رأسه في جهنم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال :ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة وأما من خفت موازينه * فأمه هاوية وهي النار هي مأواهم .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال :ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة فأمه هاوية قال صيره إلى النار ، هي الهاوية. قال قتادة : هي كلمة عربية ، كان الرجل إذا وقع في أمر شديد قال : هوت أمه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال :ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الأشعث بن عبد الله الأعمى ، قال : إذا مات المؤمن ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين ، فيقولون : روحوا أخاكم ، فإنه كان في غم الدنيا ، قال : ويسألونه ما فعل فلان ؟ فيقول : مات ، أو ما جاءكم ؟ فيقولون : ذهبوا به إلى أمه الهاوية .
حدثني إسماعيل بن سيف العجلي ، قال : ثنا علي بن مسهر ، قال : ثنا إسماعيل ، عن أبي صالح في قوله فأمه هاوية قال : يهوون في النار على رءوسهم .
حدثنا ابن سيف ، قال :ثنا محمد بن سوار ، عن سعيد عن قتادة فأمه هاوية قال يهوي في النار على رأسه .
حدثني يونس ،قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله فأمه هاوية قال الهاوية : النار هي أه ومأواه التي يرجع إليها ، ويأوي إليها ، وقرأ ومأواهم النار [ آل عمران : 151]
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس فأمه هاوية وهو مثلها ، وإنما جعل النار أمه ، لأنها صارت مأواه ، كما يؤوي المرأة ابنها . فجعلها إذا لم يكن له مأوى غيرها ، بمنزلة أم له .
وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ..نَارٌ حَامِيَةٌ
وقوله : وما أدراك ما هيه يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وما أشعرك يا محمد ما الهاوية . ثم بين ما هي ، فقال : هي : نار حامية يعني بالحامية : التي قد حيت من الوقود عليها .