d]]قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ..مَلِكِ النَّاسِ[/b]يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قل يا محمد استجير برب الناس * ملك الناس وهو ملك جميع الخلق : إنسهم وجنهم ، وغير ذلك ، إعلاماً منه بذلك من كان يعظم الناس تعظيم المؤمنين ربهم ، أنه ملك من يعظمه ، وأن ذلك في ملكه وسلطانه ، تجري عليه قدرته ، وأنه أولى بالتعظيم ، وأحق بالتعبد له ممن يعظمه ، ويتعبد له ، من غير من الناس
[
color=red]إِلَهِ النَّاسِ[/color]وقوله : إله الناس يقول : معبود الناس ، الذي له العابدة دون كل شيء سواه .
مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِوقوله : من شر الوسواس يعني : من شر الشيطان الخناس الذي يخنس مرة ، ويوسوس أخرى ، وإنما يخنس فيما ذكر عند ذكر العبد ربه .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال: ثنا يحيى بن عيسى عن سفيان ، عن حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : من من مولود إلا على قلبه الوسواس ، فإذا عقل فذكر الله خنس ، وإذا قال وسوس ، قال : فذلك قوله الوسواس الخناس .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن سفيان ، عن ابن عباس ، في قوله الوسواس الخناس قال : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، وإذا ذكر الله خنس .
قال : ثنا مهران ، عن عثمان بن الأسود ، عن مجاهد الوسواس الخناس قال : ينبسط ، فإذ ذكر الله خنس وانقبض ، فإذا غفل انبسط .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله الوسواس الخناس قال : الشيطان يكون على قلب الإنسان ، فإذا ذكر الله خنس .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة الوسواس قال : قال هو الشيطان ، وهو الخناس أيضاً ، إذا ذكر العبد ربه خنس ، وهو يوسوس ويخنس .
حدثنا بشر ، قال :ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة من شر الوسواس الخناس يعني : الشيطان يوسوس في صدر ابن آدم ، ويخنس إذا ذكر الله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن أبيه ، قال : ذكر لي أن الشيطان أو قال الوسواس ينفث في قلب الأنسان عند الزن وعند الفرح ، وإذا ذكر الله خنس .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله الخناس قال : الخناس الذي يوسوس مرة ويخنس مرة ، من الجن والإنس ، وكان يقال : شيطان الإنسن أشد على الناس من شيطان الجن ، وشيطان الجن يوسوس تولا تراه ، وهذا يعاينك معاينة .
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يقول في ذلك من شر الوسواس الذي يوسوس بالعاء إلى طاعته في صدور الناس ، حتى يستجاب له إلى ما دعا من طاعته ، فإذا استجيب له إلى ذلك خنس .
ذكر الرواية بذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثنا أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله الوسواس قال : هو الشيطان يأره ، فإذ أطيع خنس .
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ به من شر شيطان يوسوس مرة ويخنس أخرى ، ولم يخص وسوسته على نوع من أنواعها ، ولا يخنوسه على وجه دون وجه ، وقد يوسوس بالدعاء إلى معصية الله ، فإذا أطيع فيها خنس ، وقد يوسوس بالنهي عن طاعة الله فإذا ذكر العبد أمر ربه ، فأطاعه فيه ، وعصى الشيطان خنس ، فهو في كل حالتيه وسواس خناس ، وهذه الصفة صفته .
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ...مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِوقوله : الذي يوسوس في صدور الناس يعني بذلك : الشيطان الوسواس ، الذي يوسوس في صدور الناس : جنهم وإنسهم .
فإن قال قائل : فالجن ناس ، فيقال : الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس . قيل : قد سماهم الله في هذا الموضع ناساً ، كنا سماهم في موصع آخر رجلاً ، فقال : وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن [ الجن : 6] فجعل الجن رجالاً ، وكذلك جعل منهم ناساً .
وقد ذكر عن بعض العرب أنه قال وهو يحدث ، إذا جاء قوم من الجن فوقفوا ، فقيل : من أنتم ؟ فقالوا : ناس من الجن : فجعل منهم ناساً ، فكذلك ما في التنزيل من ذلك.
وقوله : من الجنة والناس .